حنا غريب أميناً عاماً لـ«الشيوعي» اليوم
\
نبيه عواضه - السفير 26 ابريل
لم تضج مواقع التواصل الاجتماعي بحماسة يسارية كتلك التي شهدتها في الساعات التي أعقبت انتهاء أعمال المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي اللبناني.
من كل حدب وصوب، توالت التعليقات التي غلب على معظمها الطابع الإيجابي، بما في ذلك من أشخاص صاروا منخرطين في أحزاب وحركات أخرى، سواء على يسار الحزب الحالي أو على يمينه، الأمر الذي أعطى إشارات إيجابية، بإمكان إطلاق ورشة يسارية تعيد استنهاض المناخ اليساري الذي لطالما كان وما يزال يشكل الحزب الشيوعي اللبناني عموده الفقري، سواء ببنيته التنظيمية أو بجمهوره الممتد في كل جهات لبنان وفي العديد من بلدان الاغتراب.
ولعل هذا التغيير الذي عكسته الانتخابات الحزبية جاء تتويجاً لظواهر إيجابية شهدها الواقع اللبناني في الفترة الفاصلة بين المؤتمرين العاشر والحادي عشر، أبرزها تحرك «هيئة التنسيق النقابية» بقيادة حنا غريب قبل أن تحاول السلطة مصادرتها ومن ثم الحراك الشعبي الذي ملأ ساحات العاصمة في العام 2015 بعنوان «طلعت ريحتكم» وصولا للمطالبة بإسقاط النظام الطائفي، وهو حراك يحتاج إلى قراءة نقدية تقييمية دشنها الحزب وتحتاج إلى استكمال في المرحلة المقبلة.
غير أن النقطة المضيئة في التغيير أن الحزب الشيوعي اللبناني بات منذ انهيار الاتحاد السوفياتي قبل ربع قرن من الزمن بلا مظلة دولية ولا إقليمية، وبالتالي أمكن له برغم كل العثرات التي شابت مسيرته (يستعد للاحتفال بذكرى تأسيسه الـ92 في الخريف المقبل)، أن يستنبط آليات ديموقراطية للتغيير من دون الحاجة للجوء إلى الانقلابات أو أساليب المؤامرات ولا حتى الاغتيالات والتصفيات (على الطريقة اليمنية)، بل أمكن للمؤتمر الحادي عشر أن يدير صراعات الحزب وتوازناته الى حيث أمكن العبور بالحزب من ضفة الى ضفة بسلاسة ومن دون التسبب بانقسامات جديدة، وهذه نقطة تسجل للأمين العام الحالي الدكتور خالد حدادة الذي لم يستقل ولم يحرد ولم يطمع لا بانتخابه أمينا عاما الى الأبد ولا بمنصب نيابي أو وزاري على شاكلة بعض من سبقوه الى الأمانة العامة.
وسيتعرف الحزب الشيوعي، اليوم، على حنا غريب الأمين العام الجديد، يتصدر نهاراً صفوف المشاركين في التحرك النقابي الذي ستشهده شوارع العاصمة اليوم، للمطالبة مجدداً بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، ومن ثم يجلس كغيره من «الرفاق» في مقر قيادة الحزب في الوتوات مساء اليوم، للمشاركة في أول جلسة تعقدها اللجنة المركزية الجديدة لانتخاب الأمين العام الجديد (أي غريب نفسه) وأعضاء المكتب السياسي الجديد.
ولعل الاختبار الأول أمام القيادة الجديدة، في أن تحاول تكريس النسبية التي تطالب بها على الصعيد الوطني (النيابي) في انتخابات المكتب السياسي، فلا تستخدم كتلة الأصوات التي يتمتع بها حنا غريب ورفاقه (45 من أصل 60) لإقصاء الآخرين، بل لجعلهم يتمثلون في المكتب السياسي بعضوين على الأٌقل، في إشارة لهؤلاء ولكل الجيش الذي غادر الحزب وبات خارج التنظيم.
أما الاختبار الثاني، فيتمثل في مقاربة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية، برغم أنها صارت داهمة، بطريقة احترافية، بما يضع حداً لحالة التشظي التي برزت خصوصا في ترشيحات العاصمة، حيث سيكون جمهور اليسار مشتتاً بين ثلاث لوائح على الأقل في مواجهة لائحة أو «محدلة السلطة».
أما الاختبار الثالث، فيتمثل في تقديم مقاربة متميزة للملف الاقتصادي ـ الاجتماعي في ضوء الوقائع المتراكمة وخصوصاً ملفات الفساد التي يندى لها كل جبين، وبالتالي صياغة برنامج نضالي يومي يجعل الشيوعيين في الموقع الذي لطالما كانوا يتميزون به تاريخياً.
وثمة اختبارات سياسية عديدة تنتظر القيادة الجديدة، وأبرزها الموقف من القانون الانتخابي وكيفية خوض الانتخابات النيابية المقبلة، فضلاً عن تثبيت الموقع المتمايز للحزب من الانقسامات الآذارية.
ويمكن القول إن حنا غريب بات أميناً عاماً للحزب استناداً الى نتائج المؤتمر أولا والى إعلان خالد حدادة، أمس، قراره بعدم الترشح لمنصب الأمين العام أو أي موقع حزبي، بما فيها المكتب السياسي، مشيداً بقدرات خلفه القيادية العالية التي تؤهله لقيادة عمل الحزب، كما قاد العمل النقابي في المرحلة السابقة، وأعلن أنه سيدفع باتجاه تزكية غريب للأمانة العامة.. ورأى أن الانتقادات الموجهة للقيادة على مستوى الممارسة والتنظيم بمعظمها انتقادات محقّة هدفها الدفع بالحزب أكثر للخروج من أزمته.
مع التزكية المرتقبة اليوم لحنا غريب أميناً عاماً، تتركز الأنظار على انتخابات المكتب السياسي وما اذا كان سيتم إدخال بعض الأسماء المحسوبة على الطاقم القديم من بوابة التنويع من دون الإضرار بخيار الذهاب نحو فريق عمل متماسك، علماً أن هذا التنوع محكوم به الفريق الجديد لكون النظام الداخلي يحفظ عضوية مسؤولي المنظمات الحزبية (المناطق) في أي مكتب سياسي ينتخب، وبالتالي فإن مسؤولي المناطق هم ينتمون إلى تيارات حزبية مختلفة شاركت كلها في المؤتمر الحادي عشر
التعليقات على الموضوع